lundi 20 mai 2019

القواعد الجديدة التي تحكم التقييد الاحتياطي على ضوء مستجدات القانون 14.07


أحكام التقييد الاحتياطي

على ضوء مستجدات القانون 14.07 

                                                                                   محمد معترف

أستاذ باحث


تمهيد
   يعتبر التقييد الاحتياطي إجراء تحفظيا للاحتفاظ بالحقوق العينية في عقار محفظ تعذر تقييدها بالسجلات العقارية إما لعدم استكمال بعض الشروط الشكلية أو الجوهرية وإما لوجود نزاع ينتظر البت فيه من طرف القضاء.
   
القواعد الجديدة التي تحكم التقييد الاحتياطي
    لئن كان التقييد الاحتياطي وسيلة تمكن كل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا في انتظار تحويله مستقبلا إلى تقييد نهائي، فإنه من الأسباب التي كانت وراء سن مقتضيات قانونية جديدة تحكم التقييد الاحتياطي و تحافظ من جهة على وظيفته و غايته و تحد من جهة أخرى من استعماله السيئ و عدم تحويله من إجراء لضمان الحقوق إلى وسيلة تعسفية و كيدية و مصدر اضطراب و إزعاج و عرقلة المشاريع الاستثمارية و المس بمبدأ استقرار المعاملات العقارية و بالتالي فقدان الثقة و المصداقية في نظام التحفيظ العقاري.
   و لوضع حد لهذه التصرفات السلبية تم إيجاد قواعد جديدة تنظم مؤسسة التقييد الاحتياطي من حيث الاختصاص، المجال، جدية الطلب، الصلاحية، و المدة، التمديد،عدم قبول تقديم طلب جديد استنادا إلى نفس الأسباب شروط التقييد، إلزامية تقييد الدعوى احتياطيا، الحكم التلقائي بالغرامة فـي حالة التعسف و الكيدية، إمكانية إصدار أمر استعجالي للتشطيب على التقييد الاحتياطي.
أولا- الاختصاص في إصدار الأمر بالتقييد الاحتياطي والتشطيب عليه
   إن المقتضيـــات الجديدة جعلت الاختصاص لرئيس المحكمة الابتدائية الواقع العقار فـي
   دائرة نفوذها و يظهر ذلك جليا من خلال ما يلي:
      - إصدار الأمر بتقييد احتياطي. 
      - أمر بتمديد مفعول التقييد الاحتياطي سواء الذي تم اتخاذه بناء على أمر أو مقال.
      - إمكانيــــة إصدار أمـــــر بالتشطيب على التقييد الاحتياطي كلما كانت أسباب
          إصداره أو تقييده غير جدية و غير صحيحة.
ثانيا: مفعول التقييد الاحتياطي وتمديده
إن المقتضيات الجديدة عملت على تقليص مدة التقييد الاحتياطي.
     1-التقييد الاحتياطي بناء على سند
          - مفعوله يستمر لعشرة أيام.
          - منع إجراء خلال هذه المدة لأي تقييد يقتضي إنشاؤه موافقة الأطراف.
          - عدم إمكانية إجرائه إذا كانت مقتضيات القانون تمنع تقييده النهائي.
          - غير قابل للتمديد.
2- التقييد الاحتياطي بناء على أمر
  - مفعوله حدد في ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ صدوره و ليس من تاريخ تقييده ما لم ينجز التقييد النهائي.
  - إمكانيـــة تمديده بإصدار أمـــر من رئيس المحكمـــــة الابتدائيـــة شريطة تقديم
    دعـــوى فـي الموضوع من طرف المعني بالأمر فيستمر مفعوله إلى غاية صدور حكم
    نهائي في موضوع الدعوى المرفوعة، و التمديد يقيد بالسجل العقاري بناء على
    الأمر بالتمديد مشفوع بمقال الدعوى في الموضوع المرفوعة أمام القضاء.
  - رفض إجراء أي تقييد احتياطي يستند إلى أمر قضائي صدر أكثر من 3 أشهر مادام
   أن العبرة بتاريخ صدور الأمر لا من تاريخ تقييده.
3- التقييد الاحتياطي بناء على مقال
  - مدة صلاحيته حددت في شهر ابتداء من تاريخ تقييده بالرسم العقاري.
  - إمكانية تمديده خلال نفس المدة بأمر من رئيس المحكمة الابتدائية، فيبقى العمل ساريا
  به إلى غاية النزاع
ثالثا : جدية الطلب:
   و هي من القواعد الجديدة التي ركز عليها المشرع حيث اشترط لقبول طلب التقييد الاحتياطي ما يلي:
     - أن يكون جديا و ألا يستند الطلب الجديد على نفس الأسباب التي سبق اعتمادها.
     - إمكانية إصدار أمر التشطيب على التقييد الاحتياطي من طرف رئيس المحكمة الابتدائية بصفته    
     قاضيا للمستعجلات كلما كانت الأسباب المستند عليها غير جدية و غير صحيحة.
   و علاقة بهذا الموضوع فقد سبق للمحافظ العام فــي عدة دوريات و مذكرات أن حث فيها السادة المحافظين على التطبيق السليم للمقتضيات و المبادئ الأساسية التي تنظم التقييد الاحتياطي، و من ذلك المذكرة رقم 1703 بتاريخ 23/02/2011 التي وردت بها تعليمات يمكن إيجازها فـي ما يلي:
     - عدم قبول طلبـــات التقييدات الاحتياطية بالنسبة للحقوق التي طالها التطهير و الحقوق الغير
      القابلة للتقييد النهائي.
     - الحقوق المكتسبة خلافا لمقتضيات صريحة و مثال ذلك المانع المنصوص عليه فـــي الفصل 4 مكرر
       من ظهير 30/06/1962 المتعلق بضم الأراضي الفلاحية.
     - الحرص في حالة تقسيم العقار إلى نقل التقييد الاحتياطي فقط بالنسبة للقطعة أو الجزء المفرز المعني
       بهذا التقييد.
     - الإشارة إلى الرسم العقاري المعني.
     - أن يكون الأمر أو المقال في مواجهة المالك المقيد.
     - أن يتعلق التقييد الاحتياطي بحق قابل للتقييد النهائي.
     - أن يكون الأمر صادرا عن المحكمة المختصة.
     - أن يكون المقال مؤشر عليه من طرف المحكمة.
رابعا: عدم قبول تقديم طلب جديد بنفس الأسباب
و مضمن ذلك أنه إذا سبق لطالب حق أن استند فيه إلى أسباب و تم تضمين تقييد احتياطي تم انتهت مدته و لم يقع تمديده أو إذا خسر دعواه و تم التشطيب عليه لأحد هذه الأسباب فإنـــه لا يمكن إعادة تقديم طلب جديد يعتمد فيــه على نفس الأسباب، و على كل حال فإن تقديم طلب بذلك تبقى مراقبته منوطة بالقضاء الذي يملك سلطة تقدير جدية الطلب بقبوله أو رفضه، و يبقى للمحافظ الاختصاص فـي مدى توفر شروط تضمين التقييد الاحتياطي بالسجل العقاري.
خامسا: إمكانية إصدار أمر استعجالي للتشطيب على التقييد الاحتياطي
و هي قاعدة تخول إمكانية اللجوء إلى رئيس المحكمة الابتدائية التي يقع في دائرة نفوذها العقار لإصدار أمر يقضي بالتشطيب على التقييد إذا تبين أن الأسباب التي استند عليها التقييد الاحتياطي غير جدية و غير صحيحة.
غير أن إشكالا عمليا و قانونيا ما فتئ يطرح من طرف المحافظين، فهل يمكن الاعتماد على أمر استعجالي يقضي بالتشطيب على تقييد احتياطي دون أن يكون نهائيا و من غير أن يرفق بشهادة عدم استئنافه، إن العمل بذلك قد لا يستقيم صراحة مع مقتضيات الفصل 91 من ظهير التحفيظ العقاري و الذي نص على ما يلي: مع مراعاة أحكام الفصل 86 أعلاه، يمكن أن يشطب على كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتضى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يثبت انعدام أو انقضاء الحق موضوع التضمين فـي مواجهة الأشخاص الذين يعنيهم هذا الحق، و مما يزيد فـي تساؤلهم أن الإنذار العقاري المنصوص عليه فـي الفصل 87 يمكن أن يشطب عليه بمقتضى أمر استعجالي ينفذ على الفور
سادسا: الحد من ظاهرة التقييدات الاحتياطية التعسفية
   إن كان الهدف من التقييد الاحتياطي هو حفظ رتبة الحق من تاريخ تقييده و ذلك لحمايته من الضياع و تنبيه الأغيار عن وجود حق محتمل قد يغير المراكز القانونية للتقييدات السابقــة واللاحقة.
   إلا أن إجراء التقييد الاحتياطي قد يعرقل المعاملات العقارية و التصرفات المبرمة بشأنـــها، فقد تمتنع المؤسسات البنكية مثلا لمنح قروض لتمويل مشاريع استثمارية كما قد لا يجرأ المرء من اقتناء عقار بسبب التقييدات الاحتياطية المترتبة على العقار و هي تقييدات أحيانا قد تصدر عن سوء نية و تقدم بصفة كيدية و تعسفية، أصبح لزاما محاربتها و الحد من ظاهرتها عن طريق استعمال الوسائل المتاحة من بينها:
   - تقليص مدة مفعول التقييد الاحتياطي،
   - ضرورة مراعاة جدية الطلب،
   - اللجوء إلى القضاء المستعجل لإصدار أمر بالتشطيب كلما تبين أن الأسباب غير جدية
    و غير صحيحة،
   - فرض غرامة مدنية لا يقل مبلغــها عن 10 فـي المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به.
سابعا: التقييد الاحتياطي للدعوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ
   و نظرا لأهمية موضوع التقييد الاحتياطي لا بأس من التطرق إلى حالات وردت التنصيص عليها بمقتضى القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية و يتعلق الأمر بالتقييد الاحتياطي للدعوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ و هي قاعدة تتضمن ما يلي:
   -  اعتبار كل دعوى تكون الغاية منها إما استحقاق أو حماية حق عيني أو دعوى
        عينية عقارية.
   - لا مفعول تجاه الغير لدعوى يكون موضوعها المطالبة باستحقاق عقار محفظ أو إسقاط
   عقد منشئ مغير لحق عيني إلا من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا.
   - تقييد احتياطي بناء على أمر استعجالي في حالة الرهن الإجباري.
   - تقييد احتياطي بالنسبة للرهن المؤجل مدته 90 يوما بناء على طلب يشفع بنسخة من العقد ونظير الرسم العقاري و لا يشار إليه في نظيره، يمنع إجراء أي تقييد آخر برضى المالك.
   - رفع دعوى قسمة العقار المحفظ يتوقف على أمرين:
توجيهها ضد جميع الشركاء.
تقييدها احتياطيا.
   و من إيجابيات هذه المقتضيات إلزامية المتقاضين و خاصة الدعاوى المتعلقة بقسمة عقار محفظ بحيث أصبح يتوقف قبولها على توجيهها ضد جميع الشركاء و تقييدها احتياطيا، وقد وضع بذلك حدا لمعضلة طالما حالت دون تقييد الأحكام القضائية التي تقضي بالقسمة لهذين السببين إذ يلاحظ أن المتقاضين لا يسلكون إجراء تقييد احتياطي فـي انتظار البت فـي دعوى موضوعها حق عيني على عقار محفظ عملا بالمقتضيات القانونية المتاحة، إذ فـي حالة عدم حفظ الحق احتياطيا قد يعرض صاحبه إلى فقدان رتبته و بالتالي ضياع حقه بالرغم من صدور حكم نهائي لصالحه خاصة فـي الوقت الذي يكون المدعى عليه أي المالك المقيد قد تصرف فـي العقار بتفويته مثلا. و هذه هي حالة بعض الأحكام النهائية قضت بالقسمة و لكنه استعصى تقييدها لأن العقار موضوع هذه الأحكام عرف تغييرات نتيجة تعاقب عدة تصرفات و لم تعد الأطراف المدعى عليها مالكة مقيدة.

 MOTA/FONCIER 

jeudi 16 mai 2019

الاستثناءات في مجال التعمير.


      تعريف :بالاستثناءات في مجال التعمير.
             ماذا نقصد بالاستثناءات في مجال التعمير؟  
   يُقصَد بالاستثناءات في مجال التعمير الرخص الممنوحة لمشاريع غير منصوص عليها في وثائق التعمير الخاصة
بمنطقة معيّنة. ويعود العمل بالاستثناء في مجال التعمير إلى السبعينات، ولكنه لم يُقنَّن إلا في فبراير 1999 ،
بصدور الدورية 254 عن وزارة إعداد التراب والبيئة والسكنى، والدورية رقم 622 الصادرة في ماي 2001 . وقد
أعبقتهما دوريتان وزاريتان مشتركتان، وهما على التوالي الدورية رقم 3020 / 27 في مارس 2003 ، والدورية رقم
31/10098 في يوليوز 2010 .
  وقد استهدفت هذه المذكرات إضفاء مرونة وشفافية أكبر على عملية دراسة المشاريع الاستثمارية المقدَّمة لمصالح
التعمير، في محاولة لتجاوز طابع الصرامة التي تتسم بها وثائق التعمير وبطء مسطرة تعديلها ومراجعتها
والتعقيدات التي تكتنفها. وكان الهدف من هذا المسعى، الذي اعتمدته السلطات العمومية كحل مؤقت، بث
دينامية جديدة في قطاع يُعدُّ حجر الزاوية في كل المشاريع الاستثمارية الاقتصادية والاجتماعية.
   كما استُحْدِثَت بموجب الدورية الصادرة سنة 1999 لجنة مختصة على مستوى الوزارة لتسليم رخص الاستثناء
للمشاريع الاستثمارية. ولكن نظرا للعدد المتزايد من الملفات، أصبحت اللجنة المركزية عاجزة عن دراسة كل
الطلبات. هكذا صدرت الدورية الثانية سنة 2001 التي نصت على نقل هذا الاختصاص إلى المستوى المحلي.
وعُهد برئاسة اللجنة المحلية لدراسة ملفات طلب رخص الاستثناء إلى المفتش الجهوي للتعمير، بحيث لا تُعرَض
على اللجنة المختصة المركزية سوى المشاريع الاستثمارية الكبرى التي لم تحظ بالتوافق على المستوى المحلي.
وقد صدرت بعد ذلك الدورية الثالثة رقم 3020 / 27 . يتعلق الأمر بدورية مشتركة بين الوزارة المكلفة بالتعمير
ووزارة الداخلية، باعتبارهما القطاعين الوزاريين الأساسييْن المسؤوليْن عن مجال التدبير العمراني. ونصت هذه
الدورية على إنشاء لجنة جهوية خاصة برخص الاستثناء في مجال التعمير، مكلَّفة بدراسة الطلبات المقدَّمة
للاستفادة من هذه المسطرة. وتتكون هذه اللجنة، التي يترأسها والي الجهة، من العامل ومدير المركز الجهوي
للاستثمار ورئيس الجماعة ومدير الوكالة الحضرية والمسؤول الجهوي لإدارة المعنيّة بالاستثمار. ويُتَّخَذ قرار
منح رخص الاستثناء بإجماع أعضاء اللجنة. وقد أدى تطبيق هذه الدورية، خال الفترة الممتدة ما بين 2003
و 2010 ، إلى حدوث بعض التجاوزات، وخاصة المضاربات العقارية وإنجاز بعض المشاريع فوق أراض مخصَّصَة
للمرافق العمومية وأخرى ذات مؤهات فلاحية كبرى.
       وسعيا إلى تدارك هذه الاختالات، أصدرت السلطات العمومية دورية جديدة، وهي الدورية رقم 10098 / 31
الصادرة سنة 2010 ، بهدف إحاطة مسطرة الاستثناء بمزيد من الضمانات والقيود القانونية، من خال التنصيص
على أن رخصة الاستثناء تخص الشخص بعينه ولا يجوز له تفويتها لغيره. فضا عن ذلك، فإن هذه الدورية
تمنع منعا باتا أن تطال الاستثناءات المساحات المخصصة للمرافق العمومية وللفضاءات الخضراء وطرق التهيئة
ودوائر الري والمناطق المهددة بالفيضانات أو التي تنطوي على بعض المخاطر والمناطق الواجب حمايتها.
إضافة إلى ذلك، فقد حددت هذه الدورية نوع الم شاريع التي يمكن أن تستفيد من مسطرة الاستثناء في
مجال التعمير، وحصرتها في المشاريع الاستثمارية ذات الطابع السياحي والصناعي وتلك المرتبطة بالصناعات
التقليدية والخدمات، إلى جانب مشاريع السكن الاجتماعي ومحاربة السكن غير اللائق.
ويبقى أن رخص الاستثناءات الممنوحة طبقا لدوريات وزارية، والتي لا يعززها أساس قانوني قوي، تُعتَبَر كأداة
لإضفاء المرونة على مجال التخطيط العمراني، لهذا يجب أن تمثل الاستثناء لا القاعدة. ويمثل اللجوء إلى
مسطرة الاستثناءات تعبيرا عن قصور يشوب عملية التخطيط العمراني، ومسا بالأهداف المتوخاة من وثائق
التعمير، مما يجعل الإدارة نفسها عُرضة للعبة المصالح والرهانات المرتبطة بمسلسل التعمير. وقد كانت هناك
مجموعة من المحاولات الرامية إلى مأسسة ممارسة الاستثناء في مجال التعمير وإدراجها داخل إطار قانوني.
ومع ذلك، فإن مشاريع النصوص القانونية في هذا المجال لم تعرف طريقها إلى التطبيق، نظرا لصعوبة التشريع
في هذا الميدان.
عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي .